علي ال غراش
من أهم الأحداث المؤثرة في التاريخ الإسلامي التي وقعت في شهر رمضان المبارك وبالتحديد في يوم 17 رمضان، هي معركة بدر الكبرى، وهي أول معركة كبرى تحت قيادة رسول الله (ص)، وقد حقق المسلمون فيها نصرا ساحقا، إذ أعز الله -سبحانه و تعالى- الإسلام والمسلمين وذل وسحق الكفار والمشركين من قريش وكسر كبرياءهم وشوكتهم، وتحقق النصر بإمداد اللهي في يوم الفرقان كما سماه القرآن الكريم، قال تعالى: (…. إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقال أعز من قائل في كتابه الكريم: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ}.
وقال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ..}.
وفي يوم بدر، يوم النصر الإلهي، نال الإمام علي (ع) وساما جديدا من الله -عز وجل-((لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي))، قال الإمام الباقر(عليه السلام): “«نادى مُنادٍ في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلّا ذو الفقار، ولا فتى إلّا علي»”.
ومن أهم أسباب انتصار المسلمين الساحق، يعود إلى البطولات والتضحيات التي قدمها المسلمون وعلى رأسهم حامل اللواء سيف الله الغالب الإمام علي ابن أبي طالب (ع) وبطولة الحمزة سيد الشهداء..، في هذه المعركة بدر الكبرى، قتل الإمام علي (ع) أبطال كفار قريش، وجاء في دعاء الندبة عن الإمام الحجة (عج): “..يَحْذُو حَذْوَ الرَّسُولِ صَلّى الله عَلَيْهِما وَآلِهِما وَيُقاتِلُ عَلى التَأوِيلِ وَلا تَأخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لائِمٍ ؛ قَدْ وَتَرَ فِيهِ صَناديدَ العَرَبِ وَقَتَلَ أَبْطالَهُمْ وَناوَشَ ذُؤْبانَهُمْ فَأَوْدَعَ قُلُوبَهُمْ أَحْقاداً بَدْرِيَّةً وَخَيْبَرِيَّةً وَحُنَيْنِيَّةً وَغَيْرَهُنَّ، فَأَضَبَّتْ عَلى عَداوَتِهِ وَأَكَبَّتْ عَلى مُنابَذَتِهِ حَتى قَتَلَ النَّاكِثِينَ وَالقاسِطِينَ وَالمارِقِينَ”.
معركة بدر “هي أول معركة يحارب فيها الإمام عليٌّ -عليه السلام- دفاعاً عن الإسلام، وقد دفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه المعركة رايته إلى عليٍّ، وكان عمره يوم ذاك 25 سنة،.. وقتل الإمام علي (ع) عدد كبير من كفار ومشركي قريش في معركة بدر. “وبالرغم من اختلاف الروايات في عدد الذين قتلهم علي (ع) يوم بدر، إلا إن المرجّح تاريخيا إن أمير المؤمنين (ع) قتل النصف ممن قُتل ببدر أو قريباً منه، وكانوا من أكابر قريش وقادتهم عندها نادى منادٍ من السماء يوم بدر: “لا سيف الا ذو الفقار، ولا فتى الا علي”، يقول ابن شهر آشوب: “وجدت في كتاب المقفع قول هند:
أبي وعمي وشقيق بكري اخي الذي كان كضوء البدر
بهم كسرت يا علي ظهري
وكان من جملة من قتلهم علي (ع) يوم بدر من بني امية:
1- حنظلة بن ابي سفيان اخو معاوية.
2- العاص بن سعيد العاص.
3- عقبة بن ابي معيط.
4- الوليد بن عتبة اخو هند وخال معاوية.
5- ابا قيس بن الوليد أخا خالد بن الوليد.
واشترك في قتل:
6- عتبة وهو جد معاوية وهو اموي ايضاً.
وبذلك فقد قتل الإمام (ع) في بدر وحدها من المشركين جد معاوية وخاله وأخاه وبعضاً من عشيرته وكان لذلك أثر بالغ في نفس ابن أبي سفيان بالخصوص والأمويين عموماً ضدّ أمير المؤمنين (ع).
بطولات الإمام علي ابن أبي طالب (ع) وتضحياته في سبيل الرسالة الإسلامية ونصرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، منذ طفولته اي قبل البعثة النبوية حيث كان يدافع عن الرسول الأعظم (ص) حيث كان يؤدب الأطفال الذين يزعجون النبي (ص) بتحريض من أهاليهم، فالإمام علي (ع) يتكفل بهم، وما العجب.. “إنّ عليّ بن أبي طالب -عليه السلام- تربّى في حِجر الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يسجد لصنم قطّ، ولم يُشرك بالله طرفة عين. وعندما نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عليّ -عليه السلام- إلى جانبه، وكان أوّل من آمن برسالته (صلى الله عليه وآله) كما شهدت بذلك عامّة مصادر التأريخ.”؛ حيث كان الإمام علي (ع) يسكن في بيت الرسالة والنبوة مع الرسول الأعظم (ص)، وحول ذلك يقول(ع): “ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول اللّه(ص) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرّسالة، وأشمُّ ريح النبوَّة”. ويكمل الإمام(ع): “وقد علمتم موضعي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، بالقرابة القريبة، والمنـزلة الخصيصة”، بقوله: “وضعني في حجره وأنا ولد يضمّني إلى صدره”. ويقول أيضا (ع): “ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر اُمّه، يرفع لي كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به”.
كان الإمام(ع) منذ كان طفلا صغيرا يدافع عن رسول الله (ص)، وفي شبابه قدم أروع قصة في التاريخ حول الفداء والتضحية، فكان عليا أول فدائي في الإسلام وذلك عند هجرة الرسول الأعظم(ص) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث “..الملأ من قريش مُجمِعون على قتل النبي محمد (ص) في فراشه، وعلم النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم ) بذلك وأخبر علياً، فبكى خوفاً على الرسول (ص)، لكن الرسول حين أمره أن يبات في فراشه، قال له علي: أوتسلم يا رسول إن فديتك بنفسي؟! فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، بذلك وعدني ربي. فاستبشر عليٌّ وانفرجت أسارير وجهه ابتهاجاً بسلامة النبي (ص)، وتقدم إلى فراشه مطمئن النفس ثابت الجَنان نام فيه متَّشحاً ببرده اليماني.
سلام الله عليك يا ولي الله، يا وصي رسول الله، يا أمير المؤمنين، يا علي ابن أبي طالب أيها الغالب، يا من لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار. يا حامل لواء رسول الله (ص) في بدر ويا من كنت بجانب رسول الله في كافة الغزوات والمعارك إلا معركة تبوك، لأمر أراده الله ورسوله، يا من يتحقق النصر على يديك، يا من ضربتك في يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين إلى يوم القيامة”. وعندما برز الإمام علي (ع) إلى المعركة لمواجهة عمرو بن عبد ود قال (ص): برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه”. أيها المدافع عن دين الله -عز وجل- وعن رسول الله (ص) في كل المعارك والأحوال.