• الإثنين: 20/05/2024

في الذكرى الرابعة لجريمة المطار الغادرة.. قادة النصر ينيرون درب المقاومة ضد المؤامرات الأمريكية

سنوات مضت والحراك الجهادي للشهيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني كان الشغل الشاغل والمحور الأبرز في اجتماعات الغرف المظلمة التي تصدّر المؤامرات والمخططات الإرهابية برعاية الكان الإسرائيلي والإدارة الأميركية، حراك قض مضاجع رعاة الإرهاب وداعميه وحال دون وصول عصابات الظلام وداعميها في الداخل والخارج إلى مآربها.

مخططات واسعة وتواطؤ داخلي توهمت الإدارة الأمريكية أنه أثمر عن نجاح لها حين نفذت جريمتها النكراء باغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الحاج قاسم سليماني ورفاقهما قرب مطار بغداد، وراحت أمريكا والكيان الإسرائيلي بعيدا بمخيلتهما حتى ظنت أنها أنهت حراك المقاومة.

انكشاف زيف الادعاءات

أربكت جريمة اغتيال الشهيدين القائدين المهندس وسليماني الإدارة الأمريكية وخلطت حساباتها الى حد كبير، إذ إن العالم لم يعد أكثر أمنا بعد الاغتيال!، كما روج لذلك كبار الساسة في واشنطن والكيان الإسرائيلي، وعواصم اخرى بعضها عربية، بل إن التداعيات والانعكاسات السلبية على أمريكا وحلفائها وأتباعها كانت سريعة وصادمة، سواء من الناحية السياسية او من الناحية العسكرية.

ولم تقف النتائج العكسية التي حصدتها أمريكا باغتيال قادة النصر عند هذا الحد، بل امتد الأمر لحدوث مزيد من التعقيد والتشابك في الملفات الاقليمية والدولية، التي تعد الولايات المتحدة طرفا فيها، وارتفاع حدة الخلافات والتقاطعات مع شركائها الدوليين، فضلا عن الضعف والارتباك والاضطراب الذي أصاب أدواتها الإقليمية في مقابل تصاعد قوة وتماسك محور المقاومة.

في الداخل الأمريكي

انزلقت الأوضاع الداخلية الأمريكية بعد اغتيال قادة النصر الشهيدين المهندس وسليماني، وذلك بفعل السياسات المتهورة والانفعالية للرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، انزلقت إلى منعطفات حرجة وحافات خطرة للغاية، لاسيما في ظل تنامي النزعات والمشاعر العنصرية والعرقية المتطرفة، التي وصلت إلى حد المواجهات والصدامات المسلحة، إذ بات موضوع إمكانية اندلاع حرب أهلية جديدة الشغل الشاغل للكثير من المحافل والنخب والاوساط الفكرية والسياسية، وأصبح ملايين الأمريكيين يعدون الأيام وأيديهم على قلوبهم بانتظار مغادرة ترامب للبيت الأبيض بعد ثلاثة أسابيع من دون أن يحدث كارثة كبيرة قبل ذلك.

ومن المستبعد جدا أن لا تكون الولايات المتحدة قد ادركت انها باغتيال المهندس وسليماني رسمت مسارا مختلفا تماما عن المسار الذي خططت له من وراء عملية الاغتيال، ومجمل معطيات وحقائق الواقع القائم، سواء في إطار أسبوع “الشهادة والسيادة” وما أطلقه من رسائل وإشارات تؤكد وتثبت وتؤشر إلى ذلك المسار المختلف بل والمعاكس تماما للمسار المطلوب.

وما يعزز ذلك هو استنكار مُعظم المؤسسات الأمريكية المعنية لهذه العملية، وقرار الكونغرس بتقييد قرارات ترامب بالرد على إيران، إلى التسريع في محاولة عَزْله، أي أن كلّ تبعات هذه العملية أتت لتصب بعكس رغبة ترامب وأمله بأنها سترفد رصيده بين الجماهير الأمريكية.

 النفوذ الأمريكي بعد عملية المطار

إن أي متابع للأحداث يصدم بضيق الأفق الاستراتيجي لكل مَن شارك بعملية اغتيال قادة النصر، تشجيعاً وتخطيطاً وصولاً إلى ترامب الذي اتّخذ قرار التنفيذ، أمّا النتائج السلبية لهذه العملية فقد بدأت تظهر منذ اللحظات الأولى، وسيتبعها من النتائج ما يشكل تحولاً استراتيجياً في مصير التواجد الأمريكي في كل من العراق وسوريا مبدئياً، وقد يتبعها ذات المصير على مستوى المنطقة.

على مستوى العراق أدى اغتيال قادة النصر إلى توحد منقطع النظير لغالبية الشارع العراقي، وأصبح محور تحركه هو الضغط على مجلس النواب والحكومة للعمل على إخراج القوات الأميركية من العراق، ليثمر هذا الحراك بإصدار قرار عراقي برلماني ينص على إخراج جميع القوات الجنبية من الاراضي العراقية، وعلى رأسها القوات الأميركية، لتتلقى الولايات المتحدة صدمة لم تكن بالحسبان، أدت إلى تقويض دور قواتها في المنطقة، وجعلتها بحكم المحتل.

الرد المزلزل

لم يدم زهو النصر المزيف في عيون الإدارة الأمريكية حتى جاء الرد الإيراني المزلزل، ليكسر خيلاء الولايات المتحدة ويوجه لها صفعة لن تنساها لردح من الدهر، في 8 يناير 2020 أطلق الحرس الثوري الإيراني، في عملية عسكرية سميت باسم (عملية الشهيد سليماني)، العديد من الصواريخ الباليستية على قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق، فضلاً عن قاعدة جوية أخرى في أربيل.

كان الرد الإيراني صفعة لم تتلقاها أمريكا من قبل أي دولة أخرى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عرَّت الولايات المتحدة وأظهرت حقيقة القوّة الأمريكية، ومثلت بداية التخلص من الأوهام المزروعة في مخيلة العالم بأن القوات الأمريكية لا يمكن أن تهزم، ولا يمكن أن تتلقى ضربة وتبتلعها وكأن شيئاً لم يكن، الشيء الذي سيغير نظرة -وربما تعاطي- معظم دول العالم حيال الولايات المتحدة الأمريكية.

وما زاد من الانكسار الامريكي هو ما قاله السيد علي خامنئي بعد الهجوم الصاروخي إذ قال ان “الصفعة الأقوى هي عبارة عن التغلب في مجال البرمجيات على هيمنة الاستكبار والتي هي بحاجة إلى همم شبابنا الثوريين ونخبنا المؤمنة وكذلك طرد الأمريكيين من المنطقة الذي يتطلب همم الشعوب وسياسات المقاومة”، مضيفا: “بطبيعة الحال فان هذه الصفعة الأقوى هي غير الانتقام لأن الآمرين وقتلة الشهيد سليماني يجب أن يدفعوا الثمن، وإن هذا الانتقام سيأتي بالتأكيد في أي وقت يكون متاحا لذلك”، فكلام السيد الخامنئي إن دل على شيء فإنما يدل على أن الولايات المتحدة عليها الاستعداد لتقويض دورها بالمنطقة والرحيل مع أذيال الخيبة.

أحياء في نفوس الأمة

واليوم وبعد مرور أربعة أعوام على استشهاد قادة النصر تجدهم أقوى وأشد على أمريكا وإسرائيل بهيئة مقاتلين ثابتين على السواتر، ومحافل تستذكرهم وتمجد بطولاتهم، وعهود متينة بالتزام خطهم المقدس، والأخذ بثأرهم من المجرمين ومن عاونهم في الداخل والخارج.

ولن يدوم الزمن حتى يخرج ألف مهندس وألف سليماني من رحم المقاومة ويتجذر بهيئة مبادئ وعقيدة ثابتة بوجه المحتل الأجنبي في كل أرجاء المنطقة، ليدوم العون والسند لكل المظلومين والسد بوجه المخططات الاستكبارية، لتدرك حينها قوى الشر والظلام أن الأمة رغم خسارتها قائدين فذين لن يكررهما الزمن؛ فإن الشهيدين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني لا يمكن اغتيالهما في نفوس أمة زرعا فيها بذرة المقاومة، فالسلام عليهم وعلى رفاقهم يوم ولدوا ويوم استشهدوا ويوم يبعثون أحياء.